الاختصاص الجنائي لھیئة النزاھة في العراق

number: 
1680
عربية
Degree: 
Author: 
إبراھیم حمید كامل
Supervisor: 
أ.م. د. زینب احمد عوین
year: 
2013

یعد الفساد الجریمة الاكثر خطر اً من بین الجرائم التي تنال من قیم العدالة وسبل تنمیة وتطور المجتمعات المعاصرة ، ففي ظل وجود الفساد تتضاءل قدرة الدولة على تحقیق اھدافھا التنمویة ذات الصلة برفاه المواطن وتأمین المساواة وتحقیق العدالة وبناء دولة القانون ، إذ یلتھم الفساد القسم الأعظم من الموارد المخصصة لتمویل برامج التنمیة ، كما یقوض الفساد وانتشاره ثقة المواطنین بقاداتھم ولو كانوا مخلصین وذوي نوایا حسنة ، ویعیق المنافسة الشریفة والعادلة ،ویساھم في تفاقم ظاھرتي الفقر والبطالة .وقد تزاید الاھتمام في الآونة الاخیرة بقضیة الفساد ، حیث اصبحت ظاھرة في بعض الدول ،لھا انعكاساتھا السلبیة على كیان المجتمع ككل . و یُعزى ذلك لأسباب اھمھا : ضعف الوازع الدیني، واختلال القیم والمبادئ الاخلاقیة ، وتراجع مفھوم المصلحة العامة ، ونمو غریزة حب الذات والانانیة لدى بعض افراد المجتمع ، والانغماس في الحیاة المادیة بعد ان اصبحت المادة ھي القوة الحاكمة . ویعد العراق من بین تلك الدول التي ابتُلیت بھذه الظاھرة وبالأخص بعد تغییر النظام ٢٠٠٣ ، والتي وجدت مكان اً خصب اً لھا بعد سیادة الاضطرابات الداخلیة . وللحد /٤/ السیاسي في 9 من الفساد ومحاربتھ والسیطرة علیھ ، برزت الحاجة إلى وضع وتطبیق سیاسات وإجراءات فاعلة بمكافحة الفساد والوقایة منھ ، تھدف إلى رفع الوعي المجتمعي بمخاطرة ، وملاحقة مرتكبیھ ومحاسبتھم ، لذلك نجد ان الدول لا تألوا جھد اً في انشاء اجھزة متخصصة لھا قوانینھا التي تعبر عن خصوصیتھا والتي تخدم ببلوغھا لھدفھا المنشود في منع الفساد ومكافحتھ من حیث ضبط عملیات الانحراف ، وردع اي محاولة للقیام بھ ، ومجازاة مرتكبھ .وفي عام ٢٠٠٤ خطى مجلس الحكم العراقي (المنحل) خطوة عملاقة في مجال مكافحة الفساد وذلك بإصدار القانون التنظیمي الملحق بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) المرقم ٥٥ لسنة ٢٠٠٤ المتضمن انشاء ھیئة النزاھة التي كان من اھم اھدافھا تطبیق قوانین مكافحة الفساد ومعاییر الخدمة العامة ، وقد اناط القانون لھذه الھیئة عدة وسائل للوصول الى ذلك الھدف من اھمھا اعطاؤھا سلطة التحقیق في جرائم الفساد . وفي عام ٢٠١١ صدر قانون جدید لھیئة النزاھة المرقم ٣٠ لسنة ٢٠١١ الذي ب یَّن بأنًّ ھدف الھیئة ھو العمل على المساھمة في منع الفساد ومكافحتھ ،واعتماد الشفافیة في ادارة شؤون الحكم على جمیع المستویات ، ورسم لھا القانون المذكور عدة وسائل للوصول الى ذلك الھدف منھا التحقیق في جرائم الفساد بواسطة محققین یعملون بإشراف قضاة التحقیق . واذا كانت الملاحقة الجنائیة ھي الوسیلة المخصصة لانزال العقاب بمرتكبي الجرائم ، وتوفیر الردع العام والخاص بإنفاذ التشریعات الجنائیة ، فان ھذا الانفاذ لا یتحقق الا بقیام ھیئة النزاھة بعملھا على اتم وجھ ، وممارسة دورھا بصدق وفاعلیة وامانة واقتدار ، لتكون سیف اً مسلط اً على اعناق الفاسدین مھما كانت سطوتھم ومھما استفحل نفوذھم ، وخاصة اذا علمنا ان الجریمة في الوقت الحاضر اصبحت ترتكب من مواقع السلطة أو بالقرب منھا من حیث تسخیر اجھزة الدولة لخدمة الاغراض الإجرامیة بتحریف الوظائف الاصلیة للدولة عن الغرض الاساسي لھا وھو خدمة المصلحة العامة لتحقیق منافع خاصة.