الأسلوب غير القضائي في حل المنازعات الإدارية

number: 
1700
عربية
Degree: 
Author: 
زهراء محمد ناصر بدوي
Supervisor: 
الأستاذ المساعد الدكتور كاظم علي عباس الجنابي
الأستاذ المساعد الدكتور سلام منعم مشعل
year: 
2013

تلجأ الإدارة وهي بصدد قيامها بالتزاماتها إلى العديد من الأساليب ، فقد تلجأ إلى إصدار قرارات إدارية؛ لغرض إحداث اثر معين ، استناداً لما تملكه من سلطة إصدار هذه القرارات بمقتضى القوانين ، وقد تلجأ إلى أسلوب الاتفاق والتراضي مع غيرها سواء أكانوا أفراداً أم شركات فينشأ بينهم ما يسمى بالعقد ، وبموجبه تتحدد التزامات وحقوق كل منهم ، ولاسيما إن للعقود الإدارية ــ أسلوباً من أساليب تعبير الإدارة عن إرادتها المنفردة ــ أهمية سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي إن أعمال الإدارة تقسم على نوعين : أعمال قانونية وأعمال مادية ؛ فالأعمال القانونية أو التصرفات القانونية تتمثل بالقرارات الإدارية والعقود الإدارية والتي تكون الإدارة طرفاً فيها ؛ أما العمل المادي فهو مجرد واقعة مادية غير مؤثرة في المراكز القانونية التي تتصل بها ، فإذا كان وجود الأثر القانوني هو معيار القرارات الإدارية فان غيبة هذا الأثر تصبح هي المعيار المميز للأعمال المادية ، وهذه الأعمال إما أن تكون إرادية أي أن تقوم بها الإدارة بإرادتها تنفيذاً لقانون أو قرار أو عقد ؛ أو غير إرادية ؛ لأنها لا ترتب آثاراً قانونية مباشرة ــ والتي ترتب المسؤولية التقصيرية للإدارة ــ وتخرج هذه الأعمال عن نطاق الطعن بالإلغاء أمام القضاء الاداري وتكون محلاً لطلب التعويض على أساس القضاء الكامل ، وحينما تمارس الإدارة سلطاتها كإصدار قرار إداري أو إبرام عقد إداري، فإنه من الطبيعي أن ينشأ عن ممارستها تلك منازعات تسمى بالمنازعات الإدارية تستلزم ضرورة إنهائها. فعند نشوء خلاف معين ، ووصوله إلى حد النزاع ، فان الأصل يقضي بأن القضاء (الاداري أم العادي) هو صاحب الاختصاص الأصيل للنظر في هذا الخلاف ودراسة هذا النزاع والفصل فيه ، فالقضاء هو الوسيلة الأساسية لحسم المنازعات بجميع أنواعها في الدولة الحديثة ، فهو سلطة من سلطات الدولة تكفل الدساتير استقلاله عن سلطات الدولة الأخرى، وتكفل القوانين لأحكامه مهابة وقوة تنفيذية فيما قضى به ، على أن تعقد سبل الحياة وتزايد المنازعات وتداخلها أدى إلى بروز مشكلة خطيرة تهدد قدرة مرفق القضاء في الدولة على حسم هذه المنازعات في وقت معقول ومقبول يبدو معه الحكم القضائي سبيلاً جيداً لكي ينال كل ذي حق حقه ، وتتمثل هذه المشكلة في بطء التقاضي وعدم فاعلية الأحكام وهما ظاهرتان خطيرتان تهددان العدالة بل يجردان حق التقاضي الذي يكفله الدستور من كل قيمة ، ولكن اللجوء إلى القضاء يحتاج ــ كما هو معروف ــ إلى كثير من الوقت والجهد والمال ؛ مما دعا كثيراً من أطراف النزاعات المختلفة إلى التفكير في نهج سبل أخرى واللجوء إلى طرائق مختلفة لفض نزاعاتهم وإنهاء خصوماتهم دون حاجة اللجوء إلى القضاء في ذلك ؛ حتى يتجنبون مخاطر هذا الطريق ويتفادون آثاره السلبية توفيراً للوقت والجهد والمال ومن هنا برزت أهمية الوسائل البديلة لحل المنازعات الإدارية وتعددت هذه السبل وتفرعت هذه الطرائق وتنوعت ؛ وذلك لأنها تتسم بالسرعة في حل المنازعات ، فضلاً عن بساطة الإجراءات ، ومن ثم إنها في النهاية تخفف الضغط عن المحاكم وتؤدي إلى تفرغها لبحث القضايا الكبيرة ، وقد يكون من هذه الوسائل مثلاً الصلح ، والوساطة ، والتوفيق ، والرقابة الإدارية من ذاتية وبناء على تظلم ، واللجوء إلى التحكيم ، وتسمى هذه الطرائق في مجملها بالطرائق البديلة للقضاء في فض المنازعات الإدارية  فالإدارة تسعى في جميع تصرفاتها إلى تحقيق الصالح العام ، ولكي تكون هذه التصرفات بمنجى من تعرضها للإلغاء أو السحب ، بمعنى آخر، لكي تكون تصرفاتها مشروعة ينبغي أن تراقب أعمالها ، وتتم هذه المراقبة من خلال مراجعة الإدارة لتصرفها ذاتياً ، فتلغي هذا التصرف أو تعدله أو تسحبه وبذلك فهي تراقب    مشروعيته قبل الطعن بعدمها أمام جهة أخرى ولاسيما جهة الرقابة القضائية ، ولما كان التصرف الاداري يستهدف تحقيق مصلحة عامة فإن الإدارة ومن أجل تحقيق هذا الهدف ، لا تلغي أو تعدل تصرفها الاداري لمجرد توافقه مع القانون ، وإنما تمتد رقابتها إلى مدى ملاءمته للهدف الذي تسعى إلى تحقيقه ، رقابة مشروعية ورقابة ملاءمة في الوقت نفسه ، كما إن الرقابة بناء على تظلم أو التظلم الاداري ، يعد وسيلة فعالة وجدية بيد الأفراد إذا ما كان تقسيم العمل داخل الجهاز الاداري قائماً على أساس احترام قواعد الاختصاص وكانت السمة السائدة في النظام هي النزاهة والموضوعية ، فهو يتيح الفرصة للأفراد كي يتظلموا إلى الإدارة قبل التوجه إلى القضاء ويوفر للإدارة فرصة إعادة النظر فيما أصدرته من قرارات ، ومن الواضح أن إنهاء المشكلة بهذه الصورة يسوي النزاع في مرحلته الأولية ، إذ لا يتطور إلى منازعة قضائية تطرح أمام القضاء .