سياسة الولايات المتحدة الأمريكية ومستقبل النظام الدولي

number: 
1034
عربية
Degree: 
Author: 
حيدر علي حسين
Supervisor: 
الاستاذ الدكتور فكرت نامق العاني
year: 
2009

تعد الولايات المتحدة الأمريكية الدولة العظمى الأكثر تأثيرا في السياسة الدولية في عالمنا المعاصر، نتيجة لما تملكه من مدخلات القوة والتأثير والتي أهلتها لان تمارس دور الهيمنة والتأثير في العلاقات الدولية، وباتت بذلك ضابط الإيقاع العالمي، حيث امتلكت الولايات المتحدة مثلث القوة القائم على القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية ومارست التأثير من هذا المنطلق، مما اثر وبشكل كبير في التراتيبية الدولية وﺁلية توزيع القوة والأدوار للقوى الدولية الأخرى ، ومن ثم التأثير في طبيعة وتوجهات النظام السياسي الدولي لقد كان تفكك الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة، إيذانا لبداية مرحلة جديدة من مراحل تطور النظام الدولي، وكان هذا الحدث بمثابة متغير أساسي لمتغيرات لاحقة أصبحت بمثابة مدخلات أساسية، أفضت بالنتيجة إلى تحولات في طبيعة العلاقات الدولية وهيكلية التقاطب العالمي، وكذلك طبيعة مقومات ومعايير القوة فضلا عن هيكل النظام بشكل عام ومع وصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى ذروة المناعة والسيطرة، أصبح من الضروري الاهتمام بمتابعة التوجهات السياسية لهذه الدولة العظمى، فتبلور النظام الدولي في ظل التحولات التي شهدتها البيئة الدولية في إعقاب انتهاء الحرب الباردة، وتغيير معادلة التوازن الدولي مرتبطا بدرجة كبيرة بطبيعة الدور الذي تضطلع به الولايات المتحدة والسياسات التي تتبناها في ظل نظام أحادي القطبية إن النظام السياسي الدولي يمر بمرحلة مهمة من مراحل صيرورته التاريخية المعاصرة، تختلف نسبيا عن المراحل التي مر بها سابقا، لتأتي بصورة ونمطية تتلائم مع طبيعة وتأثير التحولات الدولية، بمعنى أنها جاءت استجابة لتأثير المتغيرات الدولية. إذن النظام الدولي الحالي يتبع البناء الذي ظهر بعد الحرب الباردة، ويستند إلى هيمنة القطب الواحد والتفرد الامريكي بالقرار الدولي وممارسة التأثير واستخدام القوة. لكنه سيصبح غير معروف في المستقبل المتوسط على اقل تقدير، اعتماداﹰ على بروز قوى سياسية واقتصادية دولية تمثل انتقالا تاريخيا للثروة والقوة من الغرب إلى الشرق، وتنامي عناصر وحدات فاعلة غير دولية. وربما يمكن القول أن النظام السياسي الدولي سيتحول من الأحادية إلى تعدد الأقطاب بنسبة عالية من المصداقية والقبول، وذلك نظرا للتحولات الجديدة التي أعقبت إحداث الحادي عشر من أيلول ،2001مما يعكس ظهور احتمالات بل وإشارات واضحة تقول بنهاية العصر الأمريكي (نهاية عصر الهيمنة) أو في الأقل بضعف قدرة السياسة الأمريكية على ممارسة دور الهيمنة المطلقة، فالأنظمة الدولية والسياسية التي تشكلت عبر مراحل تاريخية طويلة قد استنفدت طاقتها على التطور ومواكبة المستقبل. وعبر تحليل منطقي للنظام السياسي الدولي الحالي، وجدنا أن توصيف عناصر ضعف هذا النظام وتسارع انهياره يمكن أن تتمثل في الانتشار السريع غير محسوب العواقب وأحادية القطب والقرار. فهناك تيار يرى أن الولايات المتحدة الأمريكية في طريقها إلى التراجع، نظراً للتمدد المفرط (overstretch) الذي تحدث عنه المؤرخ البريطاني (بول كينيدي) في كتابة (سقوط وانهيار الإمبراطوريات العظمى). والذي ينطلق فيه من أن الالتزام والتوسع الخارجي يكون بداية انهيار القوى الكبرى مقارنة بالإمبراطوريات السابقة (الرومانية والبريطانية)، وقد تنبأ كيندي في كتابه بتقهقر الهيمنة والقوة الأمريكية نظراً للتوسع ألأمريكي الخارجي، والذي أثقل كاهلها لاسيما بعد حربي أفغانستان (2001) والعراق (2003)، إلى جانب ممارستها لسياسة تدخليه وانغماسها في معظم القضايا الدولية، واستمرارها في ممارسة سياسة محاصرة وتقويض القوى الأخرى، ودخولها طرفا فاعلا في معادلات التوازن الدولي. في حين يرى التيار الأخر، أن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تكون فاعلا في أي نظام دولي جديد رغم العديد من الأزمات التي تواجهها في العديد من المجالات، استناداً إلى أن المجال مازال أمامها للاستمرار والإصلاح من إخفاقاتها للحفاظ على تماسكها وهيمنتها وتفوقها على الصعيدين الداخلي والعالمي