مستقبل الدولار الامريكي كعملة تسويات دولية في ظل ازمات الاقتصاد الامريكي

number: 
1649
عربية
Degree: 
Author: 
رحيم كريم محمد
Supervisor: 
أ. م. د. وسن إحسان عبد المنعم العزاوي
year: 
2013

على مر العصور أختلفت التسويات الدولية في التعاملات ما بين الدول ومرت مراحل التسويات بأوضاع سياسية واقتصادية معينة, ذلك انطلاقاً من نظام قاعدة الذهب التي اتسمت بالاستقرار والازدهار التام في مختلف المجالات, حتى بداية الحرب العالمية الأولى التي حطمت البناء الذي كانت تستند عليه قاعدة الذهب .سادت الفوضى النقدية مابين الحربين العالميتين ,ووقوع أزمة الثلاثينيات( الكساد العظيم) وتفاقمت وتوالت الأزمات النقدية حتى حدثت الحرب العالمية الثانية, التي رسمت بوادر جديدة للنظام النقدي الذي سيتبناه العالم في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وفي هذا الوقت برز الدولار العملة الاكثر قوة من خلال تعهد الولايات المتحدة بتحويل الدولار الى ذهب في اي مكان في العالم والذي عرف بنظام بريتون وودز. الا ان هذا النظام لم يدم طويلا حتى انهار ودخل العالم في نظام جديد تخلى فيه عن الذهب كمعيار للاستقرار وداعما للدولار . ودخل العالم في نظام جديد لا يزال الصندوق والبنك الدوليين مؤسسات النظام النقدي الدولي التي تسعى للحفاظ على الاستقرار والتمويل ,اذ لا تزال حقوق السحب الخاصة الى جانب الدولار وسيلة للسيولة الدولية. ومن أبرز سمات هذا النظام هو سيطرة القوى العظمى على مؤسسات النظام النقدي الدولي نظرا لقوتها الاقتصادية. كما اتسم ببقاء الدولار الأمريكي العملة المحورية للنظام النقدي الدولي وذلك بسبب المقومات التي يمتلكها بوصفه عملة تسويات, دولية نتيجة القوة الاقتصادية الأمريكية التي تعد من أقوى اقتصاديات العالم الى جانب تقدمها العلمي والتكنولوجي ومؤسساتها العلمية والتطور على مستوى الفضاء, كما أن للقوة العسكرية دور مهم في جعل الدولار الأمريكي عملة قيادية. إن استمرار العمل بنظام "بريتون وودز"، مكن الولايات المتحدة من الهيمنة مالياً على أغلب دول العالم فقد كرس هذا النظام الدولار الأمريكي عملة دولية رئيسية للنظام النقدي الدولي، وقد تميز هذا النظام بإحداث آليات جديدة لإدارة النظام، ومن بين تلك الآليات صندوق النقد الدولي.وقد تمكنت الدول المؤسسة لهذا النظام، وعلى رأسها الولايات المتحدة من الوصول إلى تسهيل التوسع والنمو المتوازن للتجارة الدولية، والسيطرة على أكبر جزء من سوق العملات والأوراق المالية والسيولة النقدية التي يتم توظيفها في مجمل المبادلات التجارية والعلاقات المالية.وبفضل هذه السيطرة التي منحتها الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها في المجال النقدي استطاعت أن تهيمن بصفة مطلقة على أغلب دول العالم، ولا تزال تسعى إلى السيطرة أكثر على مناطق أخرى تحت غطاء الشراكة والتعاون الاقتصادي في مناطق عديدة من العالم: أمريكا الشمالية، أمريكا اللاتينية، آسيا، منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط وذلك لتدعيم مركزها الذي اختلف كثيرا عن ما كان عليه.
ونتيجة لتلك السيطرة أصبح الدولار الأمريكي أقوى العملات الدولية في العالم، غير أن مركزه بعد أن استردت دول أوروبا الغربية واليابان مركزها الاقتصادي في نهاية الستينات قد تقلص بسبب تزايد الإقبال على تحويل الدولار إلى ذهب، مما سبب انخفاضا كبيرا في الغطاء الذهبي و من ثم أزداد مركز الدولار ضعفاً. وقد ساعد على هذا الضعف تراجع نصيب الولايات المتحدة من الصادرات الدولية، وأصبح بذلك الدولار مصدر أزمة بالنسبة للنظام النقدي الدولي، وحتى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية نفسها وأوروبا الغربية واليابان، وأمام هذا الوضع قرر الرئيس الأمريكي) نيكسون) في 15 اب 1971 وقف قابلية تحويل الدولار إلى الذهب وهكذا انتهى نظام بريتون وودز.وبدء نظام جديد باسم نظام اسعار الصرف المرنه الذي اختلف عن نظام بريتون وودز وهنا اصبح نظام التعويم هو الاساس في تحديد سعر صرف العملة على وفق قوى العرض والطلب ولا يزال هذا النظام قائم لحد الان. وعلى الرغم من الأزمات التي تعرض لها الدولار الأمريكي إلا انه ظل يشكل العملة المحورية في العالم بسبب النفوذ الكبير للولايات المتحدة الأمريكية وتحكمها في مؤسسات النظام النقدي الدولي و السيولة الدولية، مما جعل الدولار يخرج من أزمته ويعود مرة أخرى العملة الدولية المحورية للنظام النقدي الدولي ومن ثم أصبح الدولار سلاح الهيمنة المالية الأمريكية. ان المسار التكاملي الأوروبية لم يتوقف عند مرحلة السوق المشتركة، بل تم إدخال إصلاحات عدة على سياسات ومؤسسات السوق المشتركة، من أجل الدخول في مرحلة جديدة، وهي مرحلة السوق الأوروبية الموحدة وذلك بإلغاء كافة الحواجز الإدارية والتنظيمية والتشريعية التي كانت لا تزال تعترض سبيل المبادلات البينية للدول الأعضاء، وقد تقرر إنشاء سوق الموحدة عام 1992، كما تقرر العمل على إكمال الوحدة النقدية الأوروبية المتمثلة "باليورو" وذلك بحلول عام 2002. وأصبحت عملة منافسة للدولار الأمريكي على قيادة النظام النقدي الدولي.
اِن الاقتصاد الأمريكي يعد من اكبر الاقتصاديات في العالم فعلى المستوى الزراعي, أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أول قوة فلاحية على المستوى العالمي سواء من حيث إنتاجها أو صادراتها كما انها القوى الصناعية الأولى في العالم ويعود نجاحها إلى قدرتها على التجديد وصادراتها التكنولوجية وبنيتها التحتية المتعددة , وتنوع المنتجات ووجود اليد العاملة المؤهلة , وأصبحت الولايات المتحدة باعتراف كبار المنافسين لها على الصعيد التكنولوجي الأولى عالميا، من حيث التطور العلمي التكنولوجي ، خصوصا بعد هيمنتها شبه المطلقة على ميدان البحث العلمي، و الفضاء الخارجي، والذكاء الاصطناعي، والحاسبات الفائقة الذكاء، ومستويات التطور التقني وفي شتى مرافق الحياة المدني وتعد الولايات المتحدة الأمريكية قوة تكنولوجية عالمية لما تمتلكه من قدرات تقنية عالية المستوى وفي مختلف الميادين ،تحتل الولايات المتحدة المركز الأول من حيث تقدم أسواقها المالية, المرتبة الأولى من خلال رسملة البورصات الدولية, كل هذه المقومات عززت من مكانة الدولار الامريكي واعطته صفة القيادة في التسويات الدولية, الى جانب هذه المقومات فهناك أزمات تهدد مكانة الدولار, فالاقتصاد الأمريكي يعد من أكثر الاقتصادات في العالم عرضة للازمات الدورية نتيجة للسياسات والحروب والإنفاق العسكري المفرط . ان عملة أي بلد هي مرآة للاقتصاد وان الدولار الأمريكي هو مرآة للاقتصاد الأمريكي , فالأزمات التي يتعرض لها الاقتصاد الامريكي تؤثر وبشكل اساسي على مكانة الدولار الامريكي على اعتبار ان قوة العملة في الخارج هي متأتية من قوة اقتصادها في الداخل. . فالعجز في الميزان التجاري وفي الموازنة الحكومية يتفاقم سنة بعد أخرى كما ان مشكلة الدين العام الامريكي هي الاخرى من اهم مشاكل الاقتصاد الامريكي . ومع أن الدولار ما زال يحتفظ نسبيا بمكانته الدولية، إلًا أن الانهيارات التي سببتها أزمة المال العالمية حركت المخاوف بشأن مستقبل الدولار الأمريكي فقد طرحت مشاريع لتبني عملة نقدية دولية موحده الا ان العملة الموحدة لا توجد مؤسسة مستقلة لها دون هيمنة الولايات المتحدة, ومع ذلك ظل الدولار الامريكي هو العملة الاقوى نتيجة لعدم توفر البديل المناسب, ونتيجة القوة الداعمة له في مختلف المجالات .